21 ديسمبر 2013

نسيت أنها تنسى ~ قصة


في لحظة ضعف وامتلاء وبعد نوبة بكاء دامت لساعات , اتصلت بصديقتها الجديدة  وباحت لها بكل شئ , عثراتها , خيباتها ,أسرارها الصغيرة و سرها الدفين الذي لم يحدث أن تجاوز أسوار جنباتها قط , ثم أقفلت السماعة ...كان همها الأكبر أن يحمل عنها شخص ما بعضا من همومها.
وفي لحظة صفاء وارتياح صارت تعض على أصابعها خوفا وتلطم خديها : ليت لساني انعقد وأخرسني الله قبل أن أتكلم ..
تلاعبت الوساوس بأعصابها كثيرا قبل أن تقرر أخيرا القيام بشئ ما عدا الندم ... ثم اتصلت بالصديقة ،
-عزيزتي , لاشك عندي أن لك من إسمك النصيب الأكبر لكن ,ليطمئن قلبي ,أريدك أن تعاهديني على ألا يبرح سري بين أضلعك أبدا 
- أي سر؟
- ما أخبرتك عنه في آخر اتصال بيننا
- طيب صديقتي , فلتقري عينا !
مضى من الوقت مامضى فالتقت الصديقتان وجلستا تتجاذبان أطراف الحديث ووتضاحكان , ولأن الشك لازال يفتك بعقلها قالت محاولة جس نبض صديقتها :
- رغم حداثة معرفتــي بك إلا أنك كنت أول من فكرت في الحديث معها عندما أضلعتني الخطوب وأثقلت الهموم كاهلـــي..
ابتسمت وفاء ولم تقل شيئا.
- لدرجة أنني بحت لك بسر إن حدث وأُفشي لانقلبت حياتي كلها وحياة أحبائي,أردفت عزيزة وهي تنظر إلى وفاء تستشف منها الجواب.
ساد الصمت بينهما قليلا فنظرت إليها وفاء بحزن وقالت:
- أريد أن أبوح لك بشئ كي تطمئني لكن عاهديني على كتمان سري أرجوك, 
- طبعا , كيف سأفشي سرك وأسراري كلها معك..
نظرت وفاء إلى أعلى الجدار وعيناها تفيضان من الدمع :
-لقد نسيت ما أخبرتني به ياعزيزة لأنني أعاني من خطب ما على مستوى ذاكرتي , لاأستطيع أن أتذكر الأحداث القريبة المدى ,أنسى كل شئ بسرعة... ويدمرني هذا الأمر , قد أصاب بالخرف ياعزيزة أتصدقين؟ ثم انهارت باكية .
-أهو الزهايمر يا وفاء؟ سألتها عزيزة بنبرة شفقة أعقبت تنهيدة ارتياح...
-لم نتأكد بعد , يتكلم الطبيب كثيرا عن "متلازمة كورساكوف " لكن الزهايمر أيضا وارد.. أكاد أنسى كل ذكرياتي وأسراري وأخاف أن أستفيق يوما وأسأل أمي من أنت؟ مسحت دموعها وابتسمت.
بعد أيام , أصبحت كل صديقات عزيزة يهاتفن وفاء ويبحن لها بأسرارهن ويسترسلن في الحكي دون قلق ...ولم يراودها شك أبدا.
ولم يحدث أن تساءلت كيف أنها أصبحت مشهورة في مدرستها - وهي التي لطالما كانت طالبة انطوائية  ...
ولم يراودها شك أبدا في خيانة صديقتها للوعد !
لأنها نسيت أنها باحت لصديقتها بسرها ,
نسيت متلازمة كورساكوف
نسيت أمر الطبيب  
ونسيت أنها تَنسى...

24 سبتمبر 2013

أوركيدا (2)



خرجت من المحل رفقة حامل الزهور, وعلى بعد خطوات كان العم مبارك فاغرا فاه داخل السيارة بعد أن غلبه النعاس ,
- طق طق طق , طرقت زجاج الباب الأمامي بحامل مفاتيحها وهي تتأمل وجه العجوزالنائم الذي لم يحرك ساكنا ,أعادت الكرة مرة أخرى بحدة كانت كفيلة بإيقاظ العم مبارك من سباته بطريقة بهلوانية جعلتها تبتسم للمرة الأولى منذ أزيد من شهر , أما الصبي فضحك بملء شدقيه وقال لا إراديا بعد أن فُتح باب السيارة :
- صح النوم  ياعم !
اكتفى السائق بالإبتسام , فارتمت خديجة داخل السيارة مشيرة إلى الصبي بوضع الباقة في الجهة الأخرى من المقعد الخلفي بعد أن سلمته عشرة دراهم.
شغل العم مبارك السيارة بروية وقبل أن ينطلق التفت إلى خديجة وأردف قائلا :
- سامحيني يا ابنتي ,  لا يخفى عليك أن النوم أصبح حليفي الأول ,
- والله إني أغبطك , أنت تعلم أني لم أذق الطعم الحقيقي للنوم منذ شهرين , كأن وجوده بقربي هو الذي كان يمدني بالسكينة, أفتقده يا عمي , أفتقده بشدة... تنهدت بعمق !
- لله ما أعطى وله ما أخد , كفاك عنادا واذهبي لزيارة الطبيب فبعض المهدئات قد تساعدك ..
- إن شاء الله , 
عاد الصمت ليكتنف المكان , فانشغل العم مبارك بالسياقة بينما وقع ناظر خديجة ,عن قصد, على باقة الأوركيد , انتزعت منها زهرة وقربتها إليها تستنشقها, ثم أسندت رأسها إلى الوراء وأغمضت عينيها...
وكانت حركة السيارة ورائحة الأوركيد كفيلتين بجعل الصور تتداعى أمام عينيها كشريط تلفزي , يظهرفي مقدمته ابنها الوحيد خالد وهو يرقص فرحا بعد أن أخذ منها وعدا بالحصول على أول حاسوب له بمناسبة عيد ميلاده السابع ,
- ماما , أخبرني هشام بأن أفضل الحواسيب هي Apple
- ياسلام !... وهي تضحك
- هو القائل يا أمي , وليس أنا , 
ضحك هو الآخر وطبع قبلة على خدها فحضنته وهمست في أذنه :
- سأذهب غدا لاختيار أفضل حاسوب لحبيبي الصغير , 
- أريد أن أرافقك ماما أرجوك ...
- طيب بني سنذهب معا بعد صلاة الجمعة , إذهب إلى سريرك الآن
- تصبحين على خير أمي
في اليوم الموالـــي , توجهت خديجة رفقة خالد إلى إحدى المحلات التجارية على متن سيارتها وابتاعت له حاسوبا على ذوقه ثم عرجت في طريقهما إلى البيت على محل  "طوق الياسمين " :
- سنختار زهورا تليق بك 
- طيب , وسأختارها أنا طبعا , وهو يضحك
- بالتأكيد , إنه يومك حبيبي
دخلا إلى المحل وبعد حديث قصير مع مريم , جلست خديجة على منضدة تراقب خالد وهو يتنقل من وردة إلى وردة كفراشة ملونة لينتهي أخيرا إلى زهرة ذات لون وردي أنيق وبصوت عالي قال وهو يشير إليها :
- ماما , هاته تليق بي 
- انها زهرة الأوركيد وهي فعلا تليق بك أيها الصغير , قالت مريم وهي تبتسم
- نريد باقة منها من فضلك ,
- حاضر سيدتي 
بعد أن جهزتها مريم ودفعت خديجة ثمنها , أبى خالد إلا أن يحمل باقة الأوركيد بنفسه ثم غادرا المحل باتجاه السيارة ,في الجهة الأخرى من الشارع ,عبر ممر للراجلين .
 - ماما , للأوركيد رائحتك , لقد أحببته مقدار حبي لك  , قال وهو يدني الباقة من أنفه ليجتذب رائحتها.
 انحنت تقبله ففاجأتهما معا سيارة بسرعة جنونية أردتهما أرضا فتناثرت زهرات الأوركيد جوا وتناثرت الدماء ...وبقي خالد على إثر الحادثة شهرا كاملا في العناية المركزة ليسلم الروح  بعد ذلك إلى بارئها متأثرا بإصابة على مستوى الرأس ...
- ابنتي خديجة لقد وصلنا
-حاضر , بصوت خنقته العبرات ,
كفكفت دمعها و حملت باقة الأوركيد ثم ترجلت من السيارة والألم يكاد يفجر رأسها , 
وبخطى متتثاقلة تجاوزت المدخل وهي تتمتم : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية ,
ثم بالقرب من قبر خالد وقفت وجعلت تدعوله وتبكي تارة وتحدثه تارة أخرى , وضعت باقة الأوركيد على القبر بعد أن أزالت منه الياسمينات واستدارت عائدة إلى السيارة وقد أحست ببعض من الصخرعلى صدرها قد انزاح...
- تفضل ياعمي مبارك , الياسمينات لك...باقة لمن في القبر وباقة لمن فوق الأرض
- شكرا ياابنتي
جلست في المقعد الأمامي بالقرب من السائق واستندت على الكرسي بمؤخرة رأسها , تنفست بصعوبة وقالت وقد أغمضت عينيها من شدة التعب:
- لم يعد لي أحد في هذه الدنيا ياعمي مبارك , لا أحد...
- لنا ولك الله ياابنتي , لنا ولك الله , أجاب وهو يدير مفتاح السيارة

~انتهى~

23 سبتمبر 2013

أوركيدا - قصة قصيرة




ارتدت عباءتها ووشاحها وخرجت من منزلها الفاخر متوجهة إلى موقف السيارات المؤقت على قارعة الطريق , في وقت كادت فيه الطرقات تخلو إلا من بعض المتشردين والشحادين ممن اعتادو الالتفاف حول " قصعة كسكس " يجود بها سكان إحدى الفيلات المجاورة كل يوم جمعة...

- السلام عليكم عمي مبارك , 
- عليكم السلام بنتي . كالعادة؟
- نعم نعم من فضلك...
-على بركة الله
بعد الحوار القصير جدا , انطلقت سيارة " خديجة " , و التي يشرف العم مبارك على سياقتها منذ مايزيد عن عشرين سنة ,
وكانت تنهيدات العجوزبعد الفينة والأخرى وتمتماته المبهمة تقطع على خديجة حبل أفكارها وتكسر الصمت القاتل داخل السيارة الفارهة .
- بنتي , وصلنا.... 
- خديجة ؟ خديجة ؟
- نعم؟  تساءلت بعينين ناعستين وصوت مبحوح
- لقد وصلنا بنيتي , سأنتظرك هنا

ترجلت من السيارة وتوجهت إلى محل راقي , أول ما يثير اهتمام الناظر إليه لوحة جميلة على واجهته الأمامية كتب عليها بخط عربي أنيق " طوق الياسمين "  ,

- أهلا بك سيدة خديجة , تريدين النوع المعتاد أم قررت انتقاء شئ مختلف اليوم ؟ بالمناسبة , وصلتنا أنواع وألوان غاية في الجمال و..
- لا لا , كالعادة مريم من فضلك, قاطعتها "خديجة" مستعجلة
- طيب تفضلي بالجلوس , سأجهزها حالا
انشغلت خديجة بتفقد هاتفها غير مبالية بكل الجمال من حولها , وبعد عشر دقائق بالضبط عادت الموظفة وهي تحمل باقة فخمة من الأوركيد بلون زهري فاتح تتخله ياسمينات مهداة من المحل ,وضعتها  فوق المكتب بهدوء وأخرجت من الدرج علبة فضية , فتحتها ثم قدمتها للسيدة خديجة :
- تفضلي سيدتي , اختاري الكارت المناسب...
أمسكت خديجة العلبة وهي ترتعش واختارت بعد دقائق معدودات  بطاقة رمادية بنقوش سوداء  , تشبه إحساسها في تلك اللحظة  ,
- تفضلي , اخترت هاته
- هل أطبع لك عليها إهداء خاصا أم تريدين كتابته بنفسك كالعادة؟
- سأكتبه بيدي شكرا لك , 
انهمكت خديجة في كتابة الإهداء بعد أن دفعت ثمن الباقة , وبعد انتهائها كلفت مريم مساعدا لها بإيصال الزهور إلى السيارة وتوادعتا في انتظار لقاء آخر يوم الجمعة المقبل,



< يتبع إن شاء الله >






21 سبتمبر 2013

عصيدة بنكهة الشوكولاتة والكريما



يصعب على المرء إحتمال فقدان السيطرة على أمور لطالما أحسن تدبيرها  ( إلى حد ما ) , ويصعب الاحتمال أكثر , عندما يحدث فقدان السيطرة  في وقت حرج تكون فيه كل الأعين مصوبة نحوه , لكن الأصعب من الأمرين معا برأيي, هوالقدرة على جعل الأمر غير المسقر في نصابه والخارج عن السيطرة أمرا جديدا , مضحكا , وجيدا نسبيا ...

الرأي أعلاه , بدأت في تبنيه منذ فترة حين وُجدت في موقف مماثل , هو موقف بسيط جدا وغير ذا أهمية لكن الجميل فيه هو أن نهايته كانت سعيدة برأيي وبرأي من كان حاضرا إذذاك في الموقف...
يومها قررت تنظيم حفلة بسيطة  في بيتنا على شرف أبناء أختي الصغار بمناسبة نجاحهم , وكنت قد وعدتهم قبلا بتحضير كعكة خاصة لهم إن وفقو في سنتهم الدراسية , وهو ماكان فعلا...
فعندما جاؤو لزيارتنا مباشرة بعد حصولهم على نتائجهم الدراسية أخبرتهم بأن وقت الحفلة الموعودة قد حان وبأنني سأفي بالوعد حالا , فبدأت أولا بتحضير الكيك الشهي بالشوكولاتة والكريما اللذيذة وتفننت في تزيينه وقضيت وقتا لابأس به في المطبخ وكان الصغار سعداء جدا ومنتظرين على أحر من الجمر ظهور الكعكة الجميلة , لم يستطيعو إلا أن يسترقو النظر بين كل حين وحين رغم دعواتي المتكررة لهم بالإنتظار والصبر إلى حين انتهائي غير أن  شغبهم الطفولي حال دون ذلك
بعد انتهائي من المرحلة الأولى وضعتها في الثلاجة قليلا وهو ماأثار حفيظتهم لينفذ صبري أيضا فقررت إخراجها قبل تماسك الكريمة وانهمكت في كتابة أسمائهم على الحلوى وتزيينها بالسكاكر الملونة والشوكولاته وهم من حولي يتمازحون ,
 أخيرا جهزت الكعكة  ... ما ان سمعو البشرى حتى تسابقو نحو أماكنهم انتظارا لتقديمي لها , وهو ما أردت فعله غير أن الحظ لم يكن حليفي فعندما حاولت حملها انقلبت بين يداي رأسا على عقب , تسمرت في مكاني ولم أعرف ماالعمل فالأولاد في الصالة ينتظرون كيكا صارعصيدة , وقفت مذهولة أمام المشهد فجاءت ابنة اختي لتستفسر عن تأخر وصول ملكة الحفلة الصغيرة ,وجدت المفاجأة , كومة من شئ يشبه الكيك , متجانس مع شئ كأنه الكريمة ومزين بألوان عديدة متناثرة هنا وهناك بلا شكل محدد ,الكل داخل طبق جميل ملطخ بصوص الشكلاطة لكنه لايوحي بحفلة نجاح ولا بأي مظهر من مظاهر الفرح...
تناثرت من عيناها الصغيرتان تساؤلات عديدة وحزن صغير ولوم كبير لم تستطع اخفاء اي من ذلك فانهالت علي بوابل من التعابير غير المرتبة تروم من خلالها لومي حيث حملتني مسؤولية ماوقع وأن انهيارالكيك راجع لتأخري ومبالغتي  في تزيينه, متناسية أنها كانت معجبة كثيرا بشكله  قبل أن يتحول إلى ماأصبح عليه بعد ذلك :
اوة صافي هادشي لي بغيتي
كن غير حطيتيها لينا بلا زواق
تهنيتي دابا
لوحيها
مبقات حفلة
الخ الخ......
رمقتها بنظرة غضب جعلَتها تكف عن التعليقات ثم أسرعت إلى الغرفة لتنقل الخبر الطارئ للمنتظرين هناك وعادت إلي رفقة أخيها المتفاجئ بدوره فألقيا نظرة ثم عادا أدراجهما , غسلت يداي من الشوكولاتة العالقة بهما وحملت الطبق وأنا أنظر اليه وأتحسر على الوقت الذي ضيعته هباء , وعم المطبخ حزن وبقايا متناثرة هنا وهناك ..
بعد حسرة وتفكير وبعد ارتياح في أذناي أعقب احمرارا وحرارة ,نقلت العصيدة/الكيك إلى طبق آخر نضيف وشكلته على شكل (مقلوبة) ثم جعلت السكاكر الملونة على وجهها , كل ذلك والأطفال يائسين صامتين  أمام التلفاز  , 
توجهت إلى الصالة حيث جلس الصغار رفقة أهلي وأخواتي , وبيدي طبق العصيدة على شكل مقلوبة وبنكهة الشوكولاتة , وماأن دخلت حتى اهتزت الصالة على وقع ضحك  الكباروصراخ الصغار الذين حامو حول الطبق السحري وهم يقهقهون ويرقصون , على أنغام هستيرية  ضحك متوالي شكل سمفونية أجمل من أشهر السمفونيات العالمية, واحتفاءً بشبيه الكيك الذي كان ألذ من أشهر الكعكات الفاخرة خاصة بعد أن أكلناه بأيدينا كالكسكس دون وجود لأي نوع آخر من الحلويات أو المشروبات ساخنة كانت أو باردة  فكعكتنا أغنتنا عن باقي المرفقات,
وكانت تلك أجمل حفلة على الإطلاق برأي أولاد أختي الذين لازالو يذكرونها ويتذكرونها والغبطة تتراقص من أعينهم أما أخواتي وأمي فكان تعليقهن الوحيد غير الضحك :
هل كنا سنضحك بهذا القدر لو أن الكعكعة نجحت ولم تفقدي السيطرة عليها؟
شئ وحيد لازلت أتحسر عليه وهو عدم توثيقي للحادثة بصور للهالكة قبل وبعد ... المفاجأة أنستني كل شئ آخر, لكنها كانت سعيدة في النهاية وهذا هو المهم.




28 أغسطس 2013

تفكير وتفكير,


عندما أفكر كثيرا أتنكد ,فهل يصح أن أقول :
أنا أفكر إذن أنا متنكدة ...

في بعض الأحيان قد يفيدنا التغابي واللامبالاة خاصة عندما تدفعنا المبالغة في التفكير إلى الطيران قرب محطات محضورة والبحث عن أجوبة غير موجودة لمسائل ميتافيزيقية , أما عند التفكير في الماضي وصفعاته وتأويل أقاويل بني البشر ووقائع العالم ففقدان الذاكرة الوقتي قد يكون أفضل إن أردنا الحفاظ على سلامة عقولنا و متابعة المسير في دروب هذه الحياة ومتاهاتها...

نزف الأوطان




الرابع من حزيران يوم ميلادي
أتمناه عيدا مختلفا ,
بعبق الأمنيات
وبرائحة ورد من بلاد الياسمينات
في عيد ميلادي , أريد
هدايا كثيرة
كثيرة جدا, بعدد ضحايا الثورات :
أريد سوارا من ياسمين شامي
كوفية مقدسية من فلسطين
شربة ماء من النيل
قليل من هواء مابين النهرين
وأريد مناديل ورقية ومناشف
لأنني سأبكي
 والموسيقى من حولي تترنح
 من دون إيقاع
سأبكي في عيد ميلادي كل شئ
نفسي , وطني , حريتي
وأوطاني الغارقة في الدماء
سأحتفل, ولو حرمو الإحتفال
ساغمض عيني وأعلن عن أمنيتي
للهدايا وللوطن
سأطفئ شموعي على إيقاع النواح
و سأنام على صدى أنين ميانمار
وفي يدي هدية من كل وطن
ثم سأعتزل بعد ذلك, الإحتفال
وسأنسى الرابع من حزيران














20 أغسطس 2013

هلوسة ليلية ...



كلما قرأت شيئا عن الحب أتساءل عن شكله , أتخيله وأفترض أني بلدة نائية بين جبال الريف منسية طريقها وعرة . أيها الحب , عدم وصولك إلي حقيقة  قد بلعتها بشربة ماء وعطسة , لكن تواتر الحديث عنك أمامي من طرف الذين عرفوك وأصابهم جنونك هو الذي يتوسط حلقومي كالغصة  , تبا فليخبروني فقط هل يشبه الشوكولاتة وليصمتو فلا يهمني في شئ أن يكون شكله كالقلب فليكن حتى بشكل المكنسة...
 (مجرد هلوسة ليلية) 

19 أغسطس 2013

إنْــسانْ ~ ق.ق.ج

جاء دوره فاقترب منه المعلم وربت على كتفه قائلا : وأنت يا معاذ , ماذا تريد أن تصبح في المستقبل؟ ارتبك قليلا ثم أجاب بصوت مبحوح : أريد أن أكون إنسانا ,
ضحك منه جميع من في الصف, فتوردت وجنتاه وانفجر باكيا وقرر منذ ذلك الحين ألا يكون إنسانا أبدا ...

صمت الكلام

ياإلهي كم اشتقت إلى الكتابة...
وكم اشتقت إلى مدونتي التي أهواها , والتي أسعد بزيارتها وبازدياد عدد زائريها ,
مر وقت طويل على آخر مرة كتبت فيها , وبين آخر تدوينة وهاته حاولت مرارا الكتابة ولم أستطع فلكل المستجدات السياسية ولكل تلك الأخبار عن التخريب والفوضى والقتل والدماء وصور القتلى يد في عسر الولادة الذي أصاب مخيلتي , تداخل كل شئ بسرعة رهيبة ولم أدر عماذا أكتب , هل أكتب عن الحاصل في المغرب بعد العفو الملكي ,أو عن القتل في مصر الحبيبة , أو استمرار الوضع في سوريا الجريحة , أم أكتب عن أخي في ذكرى وفاته أم عن البحر الذي غطت الأجساد العارية شطآنه...
حاولت مرارا كسر الروتين الذي أصاب أيامي بالكلام عن أي شئ  أو عن لاشئ لكن قلمي أبى إلا أن يلتزم الصمت فطاوعته و اخترت الصمت ولا شئ غير الصمت , وجاءت الأوضاع الراهنة في مصر والتي تجعل أي قلب مهما قسى وتحجريلين ويتألم , لتجعل القرار يتجدر أكثر فاخترت عن اقتناع تام وليس عن ضغط من مخيلتي, أن أصمت, ومن قال أن الصمت عار في ظل كل مايقع اقول له من هذا المنبر أن بعض الكلام من غير علم ولا سابقة معرفة هو عمق العيب وقمة العار ...
لن أنتقد الذين ملأو العالم جعجعة ولم يرى لهم طحين, ولا الذين يكتبون وهم غير واعون بالتناقض في فحوى كلامهم , لن أنتقد أي أحد لأنني لا أرى نفعا من انتقاد الآخرين مادمت أتخبط وأصارع كي أغير من نفسي وأقومها فإن كان هناك من يستحق مني أن أنتقده فهو أنا ,ثم إن حريتي تنتهي عند بدء حرية الآخر ولاحق لي كي أنتقد من ولد حرا ليقول كل مايؤمن به وكل مايراه صوابا وفوق هذا وذاك لا أريد حمل أوزار فوق أوزاري فلي فم ولهم أفواه ولي كتابي ولهم كتبهم...
ولن أخفي أمرا , أنه في أحايين كثيرة أمتنع عن الكتابة والخوض في بعض المواضيع مخافة الوقوع في المحظور ومخافة اصابة قوم بجهالة وأنا لا أعلم فالعلم وحده القادر على جعلي أتكلم ولأني لا زلت أبحث عن المعرفة وأتعلم فامكانية وقوعي في المحظور كبيرة فلماذا سأجازف وأنا أعلم أن صمتي خير من الكلام ؟ ثم أولا وأخيرا لا أحبذ الكلام إلا عندما يكون لدي ماأقوله ولا أرى من نفع في الكلام من أجل الكلام لذلك أنسحب ببطئ وأتابع بصمت مايقع وما يقال ولا أرى أي عيب في ذلك لأني أؤمن كثيرا بأن من بين أقوى الأسباب التي جعلتنا نفترس بعضنا أننا نكثر من الكلام واللغط في أيامنا ولا نعطي مساحة حرية للآخر ليعبر عن رأيه, تعصبنا لآراءنا وعبرنا عن أشياء اعتبرناها اراء وهي ليست سوى أضغاط أراء أو أقل من ذلك , وكم من المشين أن يخرج علينا أحد ينادي بالحرية والحق في التعبير وعندما يخالفه أحد الرأي تجده يكشر عن أنيابه ولا ينقصه إلا أن يضرب الأعناق و يقطع الرؤوس كأن رأيه هو الوحيد الأوحد الصائب ولا مكان لاحتمال وجود ذرة خطأ فيه ,وكأن تبني رأي مضاد لرأيه حرب على شخصه فلا هو يفرق بين الرأي والشخص ولا بين النقاش والمسايفة...
لا أدري متى سنتعلم أدب الحوار , ومتى سنطبق على أنفسنا نفس الأحكام التي ننادي بتطبيقها على الآخر ومتى سنتخلص من عقدة : حلال علي حرام عليكم , 
ومتى سنتعلم أن نفس الحق الذي يتمتع به الذي اختار أن يتكلم ,يتمتع به أيضا من اختار الصمت  وآثره على الكلام فلماذا ننتقذ الذين يصمتون وننعتهم بعديمي الاحساس والخائفين أو الجبناء وبأي حق نجعل من الصمت جريمة؟
ولازال للكلام بقية...ولازالت غصة مصر تتربع على عرش الجروح النازفة في جسد الأمة الاسلامية ولازالت سوريا وبورما وفلسطين والعراق وووو تنتظر منا ماهو خير من الكلام وأحسن من الصمت ...


29 يوليو 2013

على أعتاب حلم مجنون ~



خطرت لي فكرة حلم مجنونة وقلت لنفسي : ماالذي يعيبني , لماذا لا أتسلق جبل إيفرست؟ فعلى قدر حلمي ستتسع الأرض, إن صدق محمود درويش!
أخرجت قائمة أحلامي فورا من علبتي الذهبية اللامعة حيث أحتفظ بأشيائي الثمينة وكتبت :
الحلم رقم 50 : تسلق جبل إيفرست,
ثم ألقيت نظرة سريعة على ويكيبيديا كأول خطوة نحو تحقيق الحلم , وبصوت مرتفع قرأت :
تسعة كلمترات فوق سطح البحر ... ( ليست بمهمة مستحيلة )
 قد يتحول سكون مشهد الغروب وصفاؤه على جبل إفرست إلى ليال ونهارات من الضباب الدوار والعواصف والإنهيارات الثلجية المعاصرة....(انهيارات؟ ...سأغلف هذه المخاوف بالإرادة والصمود)
منطقة الموت...أحسست بعضلات وجهي تتشنج لكنني فكرت, ليست رها محرق بأحسن مني !
أطفأت الحاسوب وأنا أردد على قدر حلمي ستتسع الأرض , على قدر حلمي ستتسع الأرض ثم ذهبت لأنشغل بالواقع في انتظار فرصة لأحقق الحلم ...
وفيما كنت أستعد للنوم لحياكة أحلام من نوع آخر , شغلت التلفاز لإلقاء نظرة على آخر المستجدات ففوجئت وأنا أغير المحطات بلقطة من أحد الأفلام الأجنبية حيث يظهر متسلق وأخته ووالدهما وهم يتسلقون جبلا ويتمازحون ويتضاحكون, فانتصبت قائمة وقلت :
بدأت الأرض تتسع يادرويش بدأت الأرض تتسع!
فكرت ربما هي إشارة , سأتابع الشريط للنهاية , ثم فعلت...
بعد دقيقة أو دقيقتين من متابعتي للأحداث والتفاؤل يغمرني, وقعت حقيبة أحد المتسلقين فدفعت بالأخوين ووالدهما وفقدو توازنهم جميعا وكادو يفقدون حياتهم أيضا لولا أن تدخل الأب بسرعة وأمر الإبن بقطع الحبل من جهته كي يسقط لوحده ويخفف الحمل على الحبل فموت واحد أهون من موت محتم لهم جميعا ,نفذ الطلب بعد تردد ليسقط الأب إلى الأسفل شر سقطة ,ميتا طبعا ,
وتوالت أحداث الموت والسقوط مرة بعد أخرى , عواصف ثلجية ,فقدان توازن , إغماء وموت يطال الفريق الواحد تلو الآخر ,تابعت كل ذلك وأنا أتمتم : ونعم الإشارة...
بانتهاء الشريط انتهى حلمي الذي مات قبل أن يولد ,فأخرجت قائمة أحلامي مرة أخرى من العلبة وشطبت على الحلم رقم 50  وكتبت مكانه : ضاقت الأرض يادرويش ضاقت...
واعتزلت الأحلام المجنونة منذ ذلك الحين  واكتفيت بأحلامي العقلانية المحشوة بالجبن!




28 يوليو 2013

أحلامٌ ووطن - قصة قصيرة جدا





كان يامكان في قديم الزمان طفل جميل إسمه وطن , هزيل الجسد مفعما بالحياة ,دخلت جرثومة خبيثة إلى رئته فلزم الفراش يوما كاملا وهو موهن القوة ينفث الدم ,لكن جهازه المناعي المغوار لم يستسلم, فمالبت أن قضى على الجرثومة المتطفلة بعد حرب ضارية فأرداها قتيلة , لينهض وطن من فراشه سعيدا وهو يتنفس الحرية وينفث السلام. وتوتة توتة خلصت الحدوثة

هي حكاية يومية يرويها سعيد لإبنته أحلام ,كل ليلة قبل النوم 
وذات ليلة من ليالي الثورة , انشغل بال سعيد بأوضاع البلد وأنسته أوجاع الوطن طقوس قبل النوم فرافق ابنته إلى فراشها,طبع قبلة على جبينها وأطفىء النورمغادرا دون أن يروي لها حكاية وطن . نادته أحلام  قائلة :
بابا هل من أخبار اليوم على وطن ؟ 
استدار قائلا : نامي يا أحلام نامي , وطن خانته مناعته اليوم ,وطن يحتضر ياأحلام !

27 يوليو 2013

سفر الروح



بعض منـــي يخجل حد الإختناق ,يخاف من النجاح أكثر من خوفه من الفشل فهو لايريد تعريض هدوء أيامه وروتين شهيقه وزفيره لطفرة ترهقه,غريب هذا البعض مني, يحب الظلال وظلمة الليل أكثر من حبه للنور وشمس النهار!
وفيَ بعض آخر,أكثر جموحا واكثر ضغظا على كينونتي, يصارع من أجل الإنعتاق والتحرر , يبحث عن ثغرة صغيرة يتنفس منها هواء الإنطلاق وأوكسجين الحياة , يهوى السفر حلما وواقعا وإلم يكن بالجسد فبالروح يشيد الحلم , يسافر إلى آخر الدنيا تارة ويكتفي بالسفر داخل أعماقي تارة أخرى , يسبح هنا وهناك بحثا عن تلك الثغرة البعيدة القابعة خلف الشمس ,
 الحلم هونافذنه الوحيدة لعالم أكبر بل أضخم من قوقعة دسه فيها بعضي المحب للإختباء, ذلك الحلم الذي يراه متجسدا بين عينيه كشظية من شظايا البلور هي ثغرته ومنفذه للحياة , فبعضي هذا لايحب التقوت من بقايا أحلام اليقظة لأن أحلامه أكبر من أن تتجسد في لحظة يقظة مزدحمة بأعباء حياة يتصارع فيها الأبيض والأسود, وحيث لا وجود للألوان!
أحلامه , تولد هناك في الأفق في مكان كأنه العدم و في لحظة كأنها الغفوة , ليست بلحظة موت ولا بلحظة حياة , لحظة لا عقارب ساعة فيها تدق ولا اعتراف فيها بالعمر , لحظة كالسحــــر 
هناك و هناك فقط يولد الحلم ! 

26 يوليو 2013

وصمة عار



إلتمسو الأعذار للحب إذا انتحر
فقد جعلوه رداء يضفون به شرعية على عورات انحطاطهم وذريعة دنيئة لممارسة ألاعيبهم الإباحية الدميمة من دون رادع 
فهذه تخون زوجها وعندما تسؤل عن السبب تجيب : لأني أحب فلان
وتلك تخون عائلتها ونفسها وعندما تسؤل عن السبب تقول : الحب أعمى
والأخرى تخون دينها,أخلاقها وتضرب بحيائها عرض الحائط فتهرب مع عشيقها وإذا سألوها لم الهروب أجابت : لأن الحب لا يعترف إلا بالحريـــة
وذاك ,يخون زوجته ,أولاده ورجولته , ليسرق سويعات حب ملطخة بالعار من تلك وتلك وتلك , 
والآخر يتباهى أمام حليلته بحب النساء له والآخر والآخر...
صار الحب ككتلة دنس لصيقة بالخائنين , ولم يعد له مكان عند الأوفياء كأنه وصمة عار وزينة حصرية للعشق الممنوع والعلاقات المحرمة,
فاعتزل أكثر الناس الحب , حملوه أوزارا ليست أوزاره وذنوبا هو بريء منها , جعلو منه جريمة وفضيحة وقلة أدب!
وهو الذي خلق طاهرا راقيا ليسمو بالإنسان وروحه , 
ظلموه والظلم قاسي ,فالتمسو له العذر  إذا انتحر!

25 يوليو 2013

غصة !







بَيْنَمَا هِيَ جَالِسَةٌ أمَامَ حاسُوبها فِي غُرفة دَافِئةٍ , 

تَرْتَشِفُ مِنْ فِنْجانِ قَهْوَةٍ بِدُونِ سُكَر ,

تُتَابِعُ آخِرَ الأخْبار وجَديدَ صَيْحاتِ المُوضَة 

وَتثَرثِرُ معَ صَديقتِها مِن الجِهةِ الأخْرى للعَالَم وَ كُل ذلِكَ بكَبْسَة زرٍ...





تُوجَد أُخْرى فِي أرضِ مُبارَكة قدْ سُقيَتْ أرضُها بدمٍ الشُهَداء 


تَرتَشفُ مِن مَرارَةِ الفِراقِ لَوْعةً وَدَمْعا


 وَيَتوَجعُ قَلبُها ألَما ,


عَلى أطْلاَلِ  بِلادِ شَامٍ انتَهَكَتْ حُرُمَاتُها وهُدِم بُنْيَانُها بِكَبْسَة زرِ ...

24 يوليو 2013

sms قصة قصيرة جدا




لملمت بقايا قلبها الذي هده الإهمال وتجرأت على فتح جوال زوجها لتقرأ قرابة العشرين رسالة قصيرة مرسلة إلى رقم معنون ب : أنا
اختارت أصغر الرسائل وأكثرها وقعا على قلبها وأقلها خدشا للحياء وأرسلتها إلى رقمها مرتبكة ثم أغلقت الجوال وأعادته إلى مكانه وتنفست الصعداء فجريمتها في دستوره لاتغتفر...
أمسكت جوالها بيديها المرتعشتين وهي تقرأ الرسالة فنزلت من عينها دمعة فرح صفراء!
تخيلت أنها أناه وحبيبته واكتفت.

_______________

تذكر هاتفه النقال وعاد لآخده فاستغرب لاحمرار وجنتيها وبريق عينيها وقال في صمت : لعلها عاشقة
ولأنه بارع في كشف أسرار العشاق , انتزع من يديها الهاتف وقرأ الرسالة :
أحبك يا أنا 
باغتها بصفعة أيقظتها من خيالها المبعثر وقال : أنت طالق ياخائنة

بكبسة زر...


يسعى الإنسان دوما إلى الكمال لكن الذكريات هي رادعه , فمهما حاول لن يستطيع التخلص منها إلا إذا ابتلى بالزهايمر 
لن نستطيع التخلص من أطلال الماضي أبدا,فذكرياتنا هي مانحن عليه اليوم, نحن عصارة أفرزتها مجموعة من التجارب السابقة أليمة كانت أم سعيدة , وهي التي تجعل كل واحد منا متفرد , فليس النجاح والمرح فقط من يصنعون التميز,الألم أيضا!
ماذا لوكانت الذكريات تمحى بكبسة زر؟ هل سيكون حالنا أحسن أم أسوء...
ماذا لو أن كل إنسان يمتلك أداة تحكم عن بعد ,كلما أصابه الضجر من ذكرى  متسلطة , كبس على زر DELETE فتختفي الذكرى المشؤومة إلى الأبد...ربما إذذاك يستطيع كل منا انتقاء ذكرياتك كما ينتقي صور ألبومه , يختار منها التي سيسعده بعد أعوام تذكرها , ويتخلص من التي لن تسعده! 
هي أمنية ممتعة ظاهريا لكل من أرهقته ذكرياته , أن يستطيع تنظيف ذاكرته كما ينظف لائحة أصدقائه الافتراضيين على الفيسبوك, وان يستطيع مسح ذكرياته السيئة كما يمسح بكبسة زر تاريخا كاملا من محادثاث سابقة لم تعد تهمه , ولم لا أن يستطيع إغلاق ذاكرة قديمة بالكامل واستبدالها بذاكرة جديدة بمزايا وإظافات جديدة تخول له البدء من جديد دون تبعات تقض مضجعه وتقلق راحته,
لكن ألن تكون الحياة كئيبة ومملة إن احتفظنا فقط بمانريده من ذكريانا  ؟
 لو كانت كل ذكرياتنا سعيدة ,لأصبنا بتخمة السعادة ,وقد نحتاج يوما للبكاء ولن نستطيع إن كنا غير قادرين على تذكر ذكرى أليمة, ذكرى واحدة فقط نتذرع بها بيننا وبين أنفسنا كي نبكي! 
السعادة لوحدها لاتكفي ولن تسمى سعادة إلا إذا وجدت بعض ملامح الألم على محيا الحياة,فالألم هو الذي يجعل للسعادة قيمة , يجعلنا نتعلم ونتغير, وبعض الذكريات الأليمة هي التي صنعت العظماء وخلدتهم حتى داع صيتهم ولازال,
لوكانت ذكرياتي سعيدة لما دونتها...قالها توفيق الحكيم وصدق!
فمانفع الكتابة إذاكنا نتمرغ في التراب من فرط السعادة  ؟ مانفع الحديث عن الفرح إن كان طعمه يغلب عن حاضرنا وماضينا؟

23 يوليو 2013

سنوات الضياع



ثلاث سنوات من الضياع والبؤس والبطالة , مرت علي كأنها الدهر , فراغ من كل جانب ويأس مضن كادا أن يجرفا مابقي مني بلا هَوادة , غير أن "سنوات الضياع" خاصتي  , ومن حسن حظي , كان شبيها نوعا ما ب"سنوات الضياع" الذي سلب لب العربيات , رغم طول حلقاته ووفرتها كان له بالنهاية , نهاية ...

22 يوليو 2013

هل تذكرين؟...نوسطالجيا



استلقت على ظهرها قبالة النافذة وبدأت تتأمل السماء المطرزة بالنجوم لدقائق عديدة فتنظر يمنة ثم يسرة وتعيد الكرة كأنها تبحث عن شئ مفقود وبين كل لحظة ولحظة تبتسم, جعلتها تلك اللحظة العميقة من التأمل ننفصل عن عالمها المادي وجعلت ذاتها نفسها تنفصل عنها , لتصبح اتنثين : هي ونفسها.
استلقتا جنبا إلى جنب دون حراك وهما تراقبان السماء فجأة استدارت نحو نفسها ونظرة غضب دفين بادية على محياها وقالت :
أين كنت؟ مضت سنين طويلة منذ رأيتك آخر مرة ,لماذا تركتني وحدي أتخبط في عالمـــي؟
أتذكرين؟ أتذكرين عندما كنتي تحملين حقيبتك الثقيلة متوجهة إلى المدرسة فتتوقفين قرب نفس الشجرة كل يوم, تنظرين إلى النمل المتراص بشكل منظم جميل وتسألينني : لماذا لايكون صف المدرسة بنفس نظام صف النمل هنا؟
تمضين وقتا طويلا وأنت تراقبين الصف وتضحكين كثيرا عندما ترين نملتين متقابلتين تهمس كل واحدة منهما في أذن الثانية همسا يثير فضولك ثم تمضي كل واحدة في طريقها,
هل تذكرين يوم قلت : ياليت لي قدرة سليمان عليه السلام كي أسمع همس النمل وأضحك ,ويوم وقفت في نفس المكان كعادتك فوجدت النمل منشغل بإدخال حبات القمح فأبيت إلا أن تقدمي يد المساعدة ونقلت كل الحبات إلى مقربة من باب المسكن الصغير ,
كنت تهتمين بكل التفاصيل الصغيرة , وتحبين كل الكائنات الصغيرة, وكان قلبك قلب طفلة صغيرة 
وهل تذكرين؟ يوم وبختك أمك بشدة فوقفت على عتبة باب البيت تشكين للقمر؟ 
وأتذكرين بكاءك الهستيري بعد عودتك من المدرسة ذات يوم,عندما علمت أنه تم ذبح الديك الشقي؟نفس الديك الذي كان يهاجمك في كل مرة بكيت حزنا عليه ؟
كانت أيامنا جميلة جدا وكنت لاتغادرينني كظلي,  كل مغامراتنا كانت معا , نفرح معا, نحزن معا ,نُعاقب معا ونضحك معا لكنني ذات يوم استيقظت ولم أجدك , بحتث كثيرا , سألت صديقك القمر ووقفت قرب الشجرة حيث مساكن النمل مرارا , لكنك رحلت ولم أجد من سلوى سوى الانتظار والنظر إلى ألبوم صورنا معا وقراءة دفتر ذكرياتنا معا 
لو عرفت أنك ستعودين عندما أتأمل السماء كعادتنا معا , لفعلت ذلك قبل اليوم...
أغمضت عيناها وهي تضم نفسها إلى صدرها واستسلمت الى النوم, وعندما استيقظت وقع نظرها على نملة قرب سريرها وضحكت كثيرا لأنها تأكدت من أن الطفلة الصغيرة لاتزال بداخلها مادامت النملة الصغيرة قد أثارت انتباهها كسابق عهدها!

16 يوليو 2013

ثرثرة فوق النيل


كآن يفصلنــــي عن سن العشرين بضع أعوام,حيـــن وقع ناظري عليها صدفــة وعشقتهـــآ...لازلتــــ أتذكر بوضوح أني لم أكن أمتلك ثمنها في تلك اللحظة..رغم ذلك تسمرتــ وأنا أتأمـــلها وأندبــ حظي السئ الذي حآل بيني وبين التهامها..أغرتني ووقع انجذاب غريبــ بيننآ, لازلت أجهل السبب...ربما لأن بين الأنثى والثرثرة علاقة أبديــة يصعبــ إدراكهآ..لاأدري.
وقفتـــ أرمقهآ بنظرة حزيــنة ,
طبعآ فقد كان عيدا أن يقع ناظرك على كتآب يبآع في ساحة القريـــة...انصرفتــ بعد أن أيقنتــ أن زمن المعجزآت ولى..وأني لن أحصــل على النسخة الوحيــدة المتبقية...فغيري كثيــــرون والفرق أن الحظ كان حليفهم وأنا خذلني...
لم اسمع بعد, أنذاك, بقانون الجذبـــ لكني عشت فصوله وتذوقتــ مبدأه حين حصلـــت على الروآية بعد أيـــآم...يالهآ من فرحـــة لاتوصف!

بعد أن أنهيت قراءتها أدركتـــ أنها ليست مجرد ثرثرة بالمفهوم الذي اعتقدته  لكني لم أفهم ماورد بين طياتها إلا بعد سنوات.. حين اكتشفت بعد قراءات أنها كانت تحمل وراء ثرثرات أبطالها نقدا لاذعا لسلبيات المجتمع المصري

و أنها كادت أن تشعل حريقا كبيرا كاد يلتهم في طريقه نجيب محفوظ...غير أن الرئيس جمال عبد الناصر منع أي اعتراض على الرواية وقال فيما معناهـ :
إحنا عندنا كام نجيب محفوظ؟ انه فريد في مكانته وقيمته وموهبته, ومن واجبنا أن نحرص عليه كما نحرص علي أي تراث قومي وطني يخص مصر والمصريين...
واعترف بصحة ماجاء في الروآية من نقد وقر بضرورة الخلاص من تلك السلبيات عوض وضع الرؤوس في الرمال وانكار تلك الحقائق...

جميل ماتفعله الكتبــ..فهي تجعلنا نعيش أكثر من حياة واحدة في نفس الوقتــ وتفتح أعيننا على حقائق ربما ستكون غائبة عن أذهاننا لولا وجودها .

كم أحن إلى روايتي العزيزة فقد غادرت رف مكتبتــــي بدون رجعة...نعم فمن سلبيــات إعارة الكتب أنها لاتعود...

14 يوليو 2013

أَ رمَضانُ كالقَمَر والنُجُوم؟



سألني إبن أختي ذو الثلاث سنوات قائلا :
خالتـــي وَاشْ رَمضَان كايْنْ فْالسْمَا؟ بْحَالْ القمر والنجوم يَاكْ؟
  بمعنى ( أ رمضان موجود في السماء؟ هو مثل القمر والنجوم أليس كذلك خالتي؟
انشغل بال الصغير لأن كلمة رمضان  ترددت كثيرا على أسماعه في الأيام الأخيرة الماضية  ولأنه لم يستوعب المصطلح الجديد المضاف لقائمته صار يطرح العديد من الأسئلة  التي تدفعني أحيانا للضحك وأحيانا أخرى للتفكر والتأمل...
أحب الكلمة كثيرا وأصبح يرددها في كل وقت وحين ولكي يقبل إدخال لقمة إلى جوفه صار لزاما على والدته استخدام كلمة رمضان : خبز رمضان , تمر رمضان ,عصير رمضان ...
وكان في السابق , عند الآذان , ينادي على الجميع قائلا : حان وقت الصلاة , أما الآن أصبح بعد كل آذان يقول : هيا حان وقت الفطور ^_^ .

 أيها الصغير : نعم ,
رمضان ينير حياتنا كما ينير القمر ظلمة الليل , كالقمر يجعلنا نتأمل عظمة الخالق , ويهل علينا بميلاد القمر!
رمضان فسحة نورانية نطهر فيها أرواحنا من دنس وشهوات الحياة الدنيا,رمضان  بدر يختزل كل معاني الجمال والإيمان
ويزين أيامنا كما تزين الأنجم سماء هذا الكون ,يجعلنا نستشعر الجمال في كل شئ حولنا ,ويضيء لكل مريد للفلاح طريقه وهداه,
رمضان قمر ونجم بين الشهور!

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال /

12 يوليو 2013

إذا أحب الله عبدا يحبب فيه خلقه




عندما لا نحب أنفسنا كما يجب, نصير مجرد شحاتي عواطف, نسأل الناس حبا,أعطونا أو منعونا... فأين الكرامة من ذلك؟ إن ذهب ماء وجهنا وجلسنا ننتظر الغيـــر ليمن علينا بالعطف كي نحس بكينونتنا ووجودنا وأهميتنا؟ كيف لا ندرك أننا أحياء أحرار حبانا الله جميعا بالنعم وأولها أرواحنا .. كيف نسمح للغيــر أن يستعبد احتياجاتنا للتقديــر ويكبلنا بأغلال التبعية والشحادة...فلنحب أنفسنا بأنفسنا ولنسأل الله أن يرزقنا حبه.. فإدا أحب الله عبدا يحبب فيه خلقه...

10 يوليو 2013

فلنشحد الهمم...



انتصف اليوم الأول من رمضان وأنا لاأشعر لابجوع ولاعطش لأن الامتنان يملأني (لله الحمد),فقد أهل علينا شهر رمضان هذه السنة ونحن أحياء , مُنحنا فرصة أخرى  لإصلاح أنفسنا وأحوالنا ولشحد هممنا , مُنحنا فسحة جديدة لمراجعة أخطاءنا وتصحيح مساراتنا
,ببساطة منحنا فرصة جديدة كي نولد من جديد,
في حين أن هناك عبادا للرحمان كانو أحياء يرزقون في السنوات القليلة الماضية, لكنهم الآن تحت التراب
يغبطوننا على كل سجدة ,
على كل دعاء 
وعلى كل يوم جديد نصومه إيمانا و احتسابا وطاعة لله.
إلى الذين لايزالون فوق الأرض أقول : تقبل الله منا ومنكم وكل عام وأنتم إلى الله أقرب 
وإلى أحبائنا تحت الأرض : لا أملك لكم غير الدعاء
فاللهم إن لنا في القبور أحبابا غادرونا إلى دار البقاء , ارحمهم  واغفر لهم واجعل قبورهم تشع نورا
واكتب لهم يارب أجرا كأجرنا واجعل مثواهم الجنة


9 يوليو 2013

موعد بين روحين !



عندما مررتُ من هناك صدفة, تبلد إحساسي ,كأن الزمن توقف فجأة !
لم أدرك أين أنا ولا من أنا , عرفت فقط أن كل عبق عطر شبيه بك, يثير إحساسي بالفقد ويصيبني بالتوهان ,
وأن كل رقعة وقعت فيها مرورك يوما , تصير لحاضري سجنا وذكراك السجان ,
عندما مررتُ من هناك صدفة, والصدفة ميعادٌ مرتقب بين روحين تواعدتا على اللقاء , وقفتُ مذهولــة أمام زخم إحساسي وفوضوية المكان, ثم بكيت حد الثمالة , وضحكت حد الوجع .
 الآن فقط , أدرك أن الفقد في البداية يكون أهون ويصبح أشد وقعا يوما بعد يوم لا كما كنت أحسب , وان كل دقيقة وكل ثانية تمر يزداد معها ضعفي أمام ذكراك ,
تكتب كل أنثى اختبرت الوداع , عن حبيبها وأكتب أنا عنك ,
وكلما حاولت الكتابة عن أحد غيرك , يستحي الحبر ويؤلمني قلمـي فأعود لأكتب عنك وعنك فقط , 
عندما مررت من هناك , تبلد إحساسي وكأن الزمن فجأة توقف!

8 يوليو 2013

علمني السقوط يوما...(التتمة)




لن أخفي أني ,بعد السقوط, أحسست قليلا بالأحراج  لكنه لم يكن يضاهي  إحساسي بالصدمة و الدوار فحاولت غض الطرف وعدم المبالاة بثلة المتفرجين الجالسين ورائي والمتتبعين للأحداث بشغف , ونهضت من مكاني متكئة على طرف الطاولة وحاولت تخطي الكراسي متوجهة نحو الباب غير أن الدوار غلبني مرة أخرى وقبل سقوطي للمرة الثانية سمعت صدى ضحكة هستيرية لم أستطع تحري مصدرها لأنني سقطت قبل ذلك مغمى علي واستفقت على صوت بعض الطالبات اللواتي ساعدنني على الخروج ورافقنني إلى أقرب مستوصف بعد أن استعدت وعيي بالكامل والحمد لله على لطف الله...
قد يتساءل البعض وماذا بعد؟ ماهو الهدف من سرد هذا الحدث الروتيني الممل؟
وأجيب : لدي أسبابي ,
فقد جعلتني هاته الحادثة أستقي من الدروس الكثير , جعلتني أدرك وأتذكر أن الإنسان لاشئ ,لاشئ من دون الله عز وجل , فها أنت بقوتك وجبروتك ,هاأنت بصحتك وعلو شأنك ,هاأنت بكامل قوتك تهوي على الأرض كشأن كل كائنات هذا الكون الفسيح , فمانفع قوتك ومالك وصحتك إذن, من دون رعاية وحفظ الله لك؟  لسنا سوى كائنات ضعيفة مهما بلغت قوانا , لسنا سوى مخلوقات لاتفارقها ملائكة الحفظ ورحمة الحافظ...
علمني السقوط أنه ليس عيبا , فكل شئ في الدنيا يختل توازته ويسقط , الطائرات والمطر و الاقنعة, حتى الأنظمة السياسية  المتجبرة المتجدرة تسقط , فلماذا نعتبر نحن , أن السقوط بعد سن الرابعة فضيحة !
علمنـــي السقوط أن الإعتماد على غير الله مذلة و أن البشر صنفان , صنف الصديق وقت الضيق وصنف لايعرف معنى الإنسانية!
علمني السقوط , أن بعد كل سقطة يسمع المرء ضحكات الإستهزاء وشماته الشامتين من الأعداء ومترصدي العثرات غير أنه أيضا بعد كل سقطة سيكتشف أرواحا طاهرة طهر المطر , وسيعرف أن الخير باق في أمة محمد عليه الصلاة والسلام مابقيت الحياة على هذا الكون...
علمنـــي سقوطي , أن السقوط - بكل معانيه - ليس فشلا بل يمكن أن يكون فاصلا وحكما يجعلك تعيد حساباتك من الأول وأن نجاح اليوم ليس إلا مجموع تعثرات وسقاط الأمس
تعلمت من سقوطي الذي تلاه النهوض أن أي فشل وأي سقوط في هذه الحياة آني لايدوم , مهما طال ومهما تكرر يليه النهوض لامحالة!
علمني السقوط أيضا أني في أي لحظة من لحظات حياتي قد أسقط سقطة لن أنهض بعدها , وأن أمري كله بيد من أمره بعد الكاف والنون ...
وبالنهاية , دونت هاته الواقعة لأتخطى إحساسي بالمسؤولية حول كل مايقع في حياتي, فبحكم أن بعض الوقائع والأحداث تحدث ولا دخل لي فيها كتبت إحداثها  لأتذكرها وكذا من أجل تخطي احساسي الدفين بالإحراج 
 و دونتها , اخيرآ , :
لأن تدوين التعثرات برأيي تخرج المرء من جبة الغرور والعجب!



7 يوليو 2013

علمنــي السقوط يوما....



ذات يوم سقطت ...نعم سقطت أمام الملأ ,سقطت بينما كان محيطي ساكنا هادئا ولتتخيلو وقع السقوط ولتتخيلو المشهد كاملا ,
تعود أحداث هذه الواقعة إلى مستهل السنة الحالية 2013 , يومها ولجت الكلية باكرا على غير العادة وجلست أنتظر وصول الأستاذ المحاضر لكنه تأخر , مرت العشر دقائق ببطئ تلتها عشر أخرى, فهم بعض الطلبة بالانصراف وفضل الآخرون -الأغلبية - البقاء لان دفئ المكان كان مغريا...أما أنا فلم أستطع أن أقرر هل أنضم إلى المنصرفين وأتوجه إلى البيت أو أنتظر ساعتين من الزمن كي أتمكن من حضور المحاضرة التالية ,فأخذ مني التفكير مدة قصيرة - لكنها كانت كافية كي يعود المدرج إلى حالة الهدوء - قبل أن أقرر أخيرا أن أغادر!
اتجهت إلى الاسفل صوب الباب الأمامي للمدرج , وعند وصولي إلى آخر درجة من السلالم اختبرت في لحظة واحدة أمرين اثنين لم أستطع إلى غاية اللحظة معرفة السابق منهما على اللاحق ولا السبب من النتيجة , هل لأنني احسست بالدوار وضعت رجلي في غير محلها مما جعلني أهوي أرضا أو لأنني سقطت أصبت بدوار وحالة إغماء؟؟؟
الحصيلة أني وضعت رجلي على صفيحة حديدية غير مثبثة وسقطت وأنا مصابة بدوار -دون مراعاة الترتيب في تسلسل الأحداث- , هويت أرضا أمام الطلبة الذين كانو جالسين في هدوء ودَعة , وخيل إلي أني أسقط بالعرض البطئ لم أتمنى سوى لمس الأرض بجسدي ففعل السقوط بدأ ولم يشأ أن ينتهي, ربما لأن إدراكي توقف وربما من هول المفاجئة أحسست أن الوصول إلى الأرض آخد مني وقتا طويلا جدا ,
 لطالما خشيت السقوط أمام الناس ولطالما تخيلت تركيبة الإحساس الذي يعيشه من سقط أمام الآخرين لكن لم أستطع يوما تخيل الإحساس الحقيقي إلا عندما اختبرته بنفسي وصدقونـــــي الأمر شبيه بحلم !
فلنعد إلى الأحداث , اعترضني عند السقوط كرسي كان بمثابة المنقذ الذي حال دون ارتطام رأسي بالصفيحة الحديدية , لله الفضل والمنة فهو الحافظ بالأول والأخير ,له الحمد والشكر! 
بعد سقوطي بقيت ممددة في مكاني فترة من الزمن لم أستطع تحديدها لأنني فقدت إدراكي بكل العناصر الحسية وغاب عنصر الزمن والألم معا ولم أكن أعي إلا أني افترش الأرض ,حاولت استجماع قوتي أو بالأحرى مابقي منها كي أجلس ففعلت وقد بلغ مني الدوار مبلغه ,ثم تذكرت أني لست بمفردي فنظرت إذ بالمئات من العيون مسلطة علي وعرفت أني سقطت في موقع استراتيجي يسمح للكل بالمتابعة - مقدمة المدرج -                            

                                                                                                                                ' يتبع إن شاء الله'

5 يوليو 2013

بلا هوية





عندما تتدفق المشاعر

و تتدافع في أذهاننا الأفكار

فتسمع الطيور نبضات القلوب

الملأى بالأشجان

من أبعد مكان و أقرب زمان

تتوقف عقارب الساعة عن الدوران

لنجد أنفسنا تائهين في اللا زمان

فتتوارى الأحلام

وتنضج الأيام

فنسير و راء الأوهام

نبحث عن مكان كيفما كان

ونبحث عن زمان غير الزمان

نسير و نسير

نبحث عن هوية أو عن انسان

فنحن هوية بلا انسان

او انسان بلا هوية الأمر سيان

أصبحنا

كديوان شعر بلا عنوان

حروفه متناثرة في ذاكرة النسيان

فاختلطت في أذهانا الصور

و اختفت الألوان

أضعنا الطريق

وضاعت الهوية

في متاهات الزمان

نرتشف من الضياع كؤوسا

ونغني للحزن الأشعار

يجول في خاطرنا أخر سؤال

أين هو الداء وأين الدواء؟

وأين الهوية و أين أنت يا انسان؟

4 يوليو 2013

فلنرتق ~

السلام عليكم ورحمة الله


منذ فترة وأنا أتفادى الحديث عن السياسة لعدة أسباب , ويمكن القول بالأحرى أني أؤجل ذلك لأجل غير مسمى, فالسياسة بحـر عميق يجب أن تلم بكل جوانبه قبل أن تغوص إلا إن كنت تنوي الغرق قصدا,
ولأنني لا أحسن السباحة ولست أنوي الغرق, فمن البديهي أني لن أرمي بنفسي ليم هائج سيجرفني في أي لحظة , لذلك اخترت أن أكتفي بالصمت والترقب .
اخترت الصمت فعلا وقولا , لفترة معينة من الزمن,  ثم جاءت أحداث مصر الأخيرة وقلبت كل الموازين , أدركت أني الوحيدة ربما الجاهلة في أمور السياسة , فأينما وليت وجهك تجد تحليلات ودراسات سياسية  تشعرك أن العرب جميعا إما محللون سياسيون أوأساتذة في القانون الدستوري أوبروفيسورات في العلاقات الدولية , فتجد نفسك في الأخير تتساءل :أين كنت ياترى عندما كان الباقون يدرسون السياسة؟؟
 كل جهة تنظر للأحداث من زاويتها الخاصة ,المؤيدون يدافعون عن آرائهم والمعارضون يدحضون حجج المؤيدين ويأتون بحجج تعزز أراءهم,وبين الفئة الأولى والثانية فئة تحلل وتناقش..إلى هنا الأمر طبيعي , فالاتفاق على رأي واحد أمر مستبعد إلم يكن أمرا مستحيلا...
لكن المحزن في الأمر كله ,بعيدا عن السياسة, هو انعدام أداب الحوار بين المؤيدين والمعارضين من أبناء الوطن العزيز الذين انقسمو بدورهم إلى أقسام ,فشق مؤيد للنظام السابق وشق معارض ثم شق غير مهتم وآخر مهتم ويدعي عدم الاهتمام , فيكفيك الدخول إلى أحد مواضيع النقاش حول الموضوع لتفاجئ بسيول من السباب واللعان والشتائم بين الأطراف , ويكفيك فتح حسابك على احدى الشبكات الإجتماعية لترى الواقع المرير المصغر عارضا عضلاته هناك,
فلنناقش مستجدات مصر ياإخوان - بغض النظر عن واقع وطننا نحن - لنعبر عن آرائنا حول أمور سياسية لانفقه فيها شيئا ,ولندلو بدلونا في واقع الزراعة في الموزبيق إن أحببنا , لكن رجاء....فلنرتق
لقد اخترت الصمت نعم ولن أنجرف أكثر سأتوقف هنا أما بخصوص السياسة فسأتركها لأصحابها الذين اتسعت دائرتهم كثيرا...


3 يوليو 2013

الجمع بينكما في قلب واحد انتحار...



مبروك ياصديقتي , طبعا سنزورك في بيت الزوجية إن شاء الله , مرة أو مرتين أو في كل سنة مرة...
نعم نعم أكيد فأنتن صديقاتي , بل أخواتي وأكثر فلتئتين متى شئتن
عم الصمت المكان لبرهة من الزمن فأردفت قائلة وبعفوية الذي قال شيئا عن غير قصد فأراد تداركه : آآآآ....ربما لا, لأني الآن متزوجة, وآآآآآآ خاف على زوجي ...
ومن أجل تدارك الموقف مرة أخرى تضيف : قد نلتقي خارجا يوما ما..
تقصدين صدفة ياصديقة ؟ تسائلت بصمت وغيرت الموضوع
______________

على الأقل أيقنت أخيرا أحد أهم أسباب الانقلاب الذي تقوم به بعض الصديقات على بعضهن بعد الزواج 
فبمجرد إعلان زواج إحداهن تتساقط الأقنعة تباعا  لتظهر الأوجه الحقيقية والألقاب الحقيقية , تنقلب الثقة إلى شك وتصير الصداقة مجرد ذكرى في أجندة الزوجة الجديدة تحت عنوان: علاقة انتهت صلاحيتها
وترسل العروس لصديقاتها كخاتمة للرسائل بينهن,دعوة لحضور حفل الزفاف,وهي في الحقيقة دعوة لحضور حفلة فك الإرتباط
تنتقل بعدها إلى عشها الصغير بعد أن تتخلص من دولابها القديم , ملابسها , دفتر ذكرياتها وكل ما تأتي بعد لفضه صفة " قديم ", لتستقبل حياتها الجديدة محملة بجهازها ومشترياتها وهدايا العرس وكل مايقترن لفضه بكلمة "جديد"
وطبعا تقلب الصفحة عن صديقتها فهي أيضا قديمة مثلها مثل الدولاب والأحذية وكراسات المرحلة الإبتدائية فلا مكان للصديقة في قلب سيسكنه الزوج لأن الجمع بينهما في قلب واحد بنظرها انتحار! نسيت ان القلب كما اعتبرته دوما كالأرض يحتوي الكل, 
تغير رقم هاتفها وتختفــــــــي كحبة ملح ذائبة في قطرة مطر

الزوج يارفيقة جزء من الحياة وليس كل الحياة , 

الزوج عمر جديد ينضاف إلى عمرشاركتك إياه أرواح محبة
الزوج ..رفيق سيشاركك حياتك القادمة ,القادمة لا السابقة يارفيقة
والقلب كما علمتني دوما ,مثل الأرض يسع الكل , 
أما الصديقة يا ص.د.ي.ق.ة...الصديقة ببساطة وطن

فلاتأتي يوما و قلبك يبكي الوطن يارفيقة 
لأن الوطن إذذاك سيعلنها جهرا : القلب الذي لم يستطع احتوائي أغلقت بوجهه حدودي وحذفت إسمه من خارطتي ...

                                                                                                                              (...)




2 يوليو 2013

بقايا طفولة



تحت ضوء القمر أمضيت الليلة وأنا أبحث بين شضايا ذاكرة منسية عن تلك الطفلة التي كانت تسكنني, أصابني الإعياء وهدت الخيبة ذاتي فماعثرت إلا على رداء بالي من أثر السنون ,وعن بقايا طفولة منكسرة...
نزلت دمعى حارقة على خدي تاركة وراءها حنينا للماضي القريب-البعيد , وحنينا آخر إلى براءة طفولية وذكريات وابتسامة..
قطعت حبل أحلامي نفس الجملة الروتينية: كفاك أحلاما,عودي إلى الواقع...جملة لايكف الصوت الخفي بداخلي عن ترديدها بنبرة رهيبة,جملة كالصفعة توقضني من حلم جميل وتطن في أذني كلما اشتقت إلى الأيام الماضية,كلما غنيت بصوت خافت نشيد طفولتي وكلما اشتقت إلى صنع دمية من القصب بيدي الصغيرة...
كم أشتاق إلى طفلة تركض بين الحقول الخضراء تطارد الفراشات وتراقب باهتمام مملكة النمل العجيبة ,طفلة همها الوحيد عدم تفويت حلقة من حلقات سالي
كم أشتاق إلى طفلة تختزل الوطن في حضن أم وقبلة أب يطبعها على جبينها الصغير..
وكم أحن إلى طفولتي و إلى نفسي التي تاهت وسط زحمة الأيام وهموم الوطن...
ليت الأحلام تتحقق!
مسحت دمعتي بيدي المرتعشة واستسلمت لنومي وكلي أمل أن أجد الطفلة الضائعة مني في مقطع من مقاطع أحلامي



1 يوليو 2013

لااختلاف بين الإناث عندما يتعلق الأمر بالأمومة !

                                                                بسم الله الرحمن الرحيم



بقدر ما انتظرت هذا اليوم -من شدة حماسي- بقدر ما تخوفت من خوض هذه التجربة وترددت!
فقبل الإقدام على خط هذه التدوينة (1) تولدت لدي رغبة كبيرة في زيارة مدونات باقي المشاركين كي أجس النبض وأتعلم, فأنا لا أملك أدنى فكرة عن عالم التدوين ولا أعرف تماما نوع التدوينات التي يجب علي كتابتها,وبالرغم من ذلك قررت عدم الإطلاع على باقي الكتابات إلا بعد ارسال تدوينتي التي اخترت أن تكون ارتجالية...
ولأن مواضيع كثيرة من حولي تثير قلمي ترددت, وكلما اخترت واحدا أغيره إلى آخر ثم إلى آخر,كما أن مجرد التفكير في أن كتابتي قد يطلع عليها أخرون يزيد من توتري وارتباكي ..
لكني اخترت التلقائية في آخر المطاف , وقررت أن أكتب عن أي شئ مادام يحسسني بالارتياح فأنا أؤمن بأن البدايات تكون دوما صعبة واجتيازها بأريحية وارتياح يعبد الطريق ويسهل المسير نحو الهدف وهدفي إن شاء الله هو 365 تدوينة وعزائي أن هنالك آخرون يخوضون نفس التجربة ولكل واحد منهم أسلوبه الخاص ومواضيعه الخاصة التي تستهويه وطريقة خاصة يعبر بها عما يلهمه وبالتالي فلن أمثل الإستثاء.
المهم, وإلى غاية أمس لم أرسى على فكرة محددة, لكن حدث شئ  جميل اليوم اعتبرته خيرافتتاحية لمدونتي, فقد استيقظت صباحا لأجد زائرة بغرفتي, ضيفة وديعة دخلت خلسة الى بيتنا ثم إلى غرفتي وأمضت الليلة قربي دون أن اشعر : قطة!
تملكني شعور مختلف فقد وجدتني قرب إحدى أكثر المخلوقات التي أتحفض منها لاأنكر أني أحبها لكن حبي لها حب عن بعد , والمثير للإعجاب في الموضوع كله هو كونها حامل وعلى وشك الوضع واختارت ركنا في بيتنا من أجل الولادة دون أدنى اكتراث لأصحاب البيت أو لأي شئ آخر.تملكني شعور بالغبطة والسرور لأنها اختارت بيتنا دونا عن كل بيوت الحي لكنني رغم ذلك لم أستطع أن اشهد ولادتها!
المسكينة! كانت تتألم بشدة فتغيرت نبرة مواءها ومن شدة ألمها صارت مسالمة وغير مهتمة بأي خطر خارجي محدق فقد اقترب منها والدي ولم تبدي أي اعتراض أو تعبير عن خوف أو حتى مشاكسة  بل تكاد ترى شرارات الألم تتطاير من عينيها ,نقلناها الى مكان آخر وهي شبه غائبة عن هذا العالم فشغل موضوعها بالي طيلة اليوم خصوصا بعد تغير حالها بعد الوضع, فبعد ساعة أو أقل رزقت بهريرات رائعات الجمال لتنقلب هي من قطة وديعة مسالمة إلى قطة شرسة ومستعدة لفعل أي شئ في سبيل حماية صغارها,سبحان الله ...
أثار انتباهي كثيرا كيف أنها بحتث باقتراب موعد ولادتها عن مكان آمن تمنح فيه الحياة لصغارها رغم أنها كانت قبل ذلك تعيش بين أزقة المدينة وشوارعها دونما مبالاة لأمن أوأمان,وكيف أنها قبل الوضع لم تلقي بالا لأي شئ قد يصيبها مادامت مطمئنة على سلامة أولادها الذين لم يبرحو رحمها بعد واستأسدت بعد أن أصبحت مسؤولة عن حيوات غير حياتها,ثم كيف أنها لم تبرح مكانها ولم تلقي بالا لا إلى جوع ولا إلى عطش مادام صغارها مرتوين آمنين مطمئنين ,

 إنها الأنثى,ذلك الكائن الجميل الذي يضحي بأي شئ مقابل أمن وسعادة من يحب..
ذلك الكائن الحنون الذي عندما يتألم يحب من تألم لأجله وعلى قدر ألمه يتحدد مقدار حبه
ذلك الكائن الضعيف الذي يتحول فجأة إلى بركان قوة عندما يتعلق الأمر بسلامة  أحبائه

ونعم, لااختلاف بين الإناث عندما يتعلق الأمر بالأمومة !



23 يونيو 2013

حان الوقت لأكتب...




تدوين يومي لمدة سنة كاملة ,ممم ! بدت لي فكرة جديدة ومغرية ...أن أكتب كل يوم يعني أن ألتزم, وأن ألتزم يعني أن أتحدى نفسي بالدرجة الأولى, أن أتحدى نمط حياتي الروتيني الممل وأن أبرهن لنفسي أنني قادرة على القيام بأمور لطالما تهربت من الإلتزام بها, وكي أكون صادقة : لطالما تهربت من فعل أمور تستهويني, لطالما تهربت من الإلتزام بالكتابة ولطالما حاولت إقناع نفسي بالعدول عن إعتباها هواية وشغف, نعم..فقد أتقنت لفترة طويلة من حياتي فن الهروب...


لكن, مهما تهربنا من مواجهة مخاوفنا لابد أن يأتي وقت نكون فيه أو لانكون, فالتغيير يستلزم وجود نقطة بداية وتلك البداية تكون دوما نقطة التحول ولحظة القوة التي تجعل الإنسان يدوس على قناعات سلبية ماضية ويمضي نحو المستقبل بقناعات جديدة إيجابية بثقة والتزام.
 وبالنسبة لي,تجربة التدوين هي نقطة التحول والبداية ,
فقد آن الآوان لخوض غمارالإلتزام, حان الوقت لأسبح ضد تيار مخاوفي وصراعاتي وحان الوقت لأكتب!!
ستكون البداية إن شاء الله يوم 1 يوليوز 2013
عن ماذا سأكتب؟؟
ليست لدي أدنى فكرة بعد, ولب التحدي وجوهره هو أن أجد كل يوم شيئا جديدا أكتب عنه

أوليست فكرة جميلة؟؟

~أسما عمر~