22 يوليو 2013

هل تذكرين؟...نوسطالجيا



استلقت على ظهرها قبالة النافذة وبدأت تتأمل السماء المطرزة بالنجوم لدقائق عديدة فتنظر يمنة ثم يسرة وتعيد الكرة كأنها تبحث عن شئ مفقود وبين كل لحظة ولحظة تبتسم, جعلتها تلك اللحظة العميقة من التأمل ننفصل عن عالمها المادي وجعلت ذاتها نفسها تنفصل عنها , لتصبح اتنثين : هي ونفسها.
استلقتا جنبا إلى جنب دون حراك وهما تراقبان السماء فجأة استدارت نحو نفسها ونظرة غضب دفين بادية على محياها وقالت :
أين كنت؟ مضت سنين طويلة منذ رأيتك آخر مرة ,لماذا تركتني وحدي أتخبط في عالمـــي؟
أتذكرين؟ أتذكرين عندما كنتي تحملين حقيبتك الثقيلة متوجهة إلى المدرسة فتتوقفين قرب نفس الشجرة كل يوم, تنظرين إلى النمل المتراص بشكل منظم جميل وتسألينني : لماذا لايكون صف المدرسة بنفس نظام صف النمل هنا؟
تمضين وقتا طويلا وأنت تراقبين الصف وتضحكين كثيرا عندما ترين نملتين متقابلتين تهمس كل واحدة منهما في أذن الثانية همسا يثير فضولك ثم تمضي كل واحدة في طريقها,
هل تذكرين يوم قلت : ياليت لي قدرة سليمان عليه السلام كي أسمع همس النمل وأضحك ,ويوم وقفت في نفس المكان كعادتك فوجدت النمل منشغل بإدخال حبات القمح فأبيت إلا أن تقدمي يد المساعدة ونقلت كل الحبات إلى مقربة من باب المسكن الصغير ,
كنت تهتمين بكل التفاصيل الصغيرة , وتحبين كل الكائنات الصغيرة, وكان قلبك قلب طفلة صغيرة 
وهل تذكرين؟ يوم وبختك أمك بشدة فوقفت على عتبة باب البيت تشكين للقمر؟ 
وأتذكرين بكاءك الهستيري بعد عودتك من المدرسة ذات يوم,عندما علمت أنه تم ذبح الديك الشقي؟نفس الديك الذي كان يهاجمك في كل مرة بكيت حزنا عليه ؟
كانت أيامنا جميلة جدا وكنت لاتغادرينني كظلي,  كل مغامراتنا كانت معا , نفرح معا, نحزن معا ,نُعاقب معا ونضحك معا لكنني ذات يوم استيقظت ولم أجدك , بحتث كثيرا , سألت صديقك القمر ووقفت قرب الشجرة حيث مساكن النمل مرارا , لكنك رحلت ولم أجد من سلوى سوى الانتظار والنظر إلى ألبوم صورنا معا وقراءة دفتر ذكرياتنا معا 
لو عرفت أنك ستعودين عندما أتأمل السماء كعادتنا معا , لفعلت ذلك قبل اليوم...
أغمضت عيناها وهي تضم نفسها إلى صدرها واستسلمت الى النوم, وعندما استيقظت وقع نظرها على نملة قرب سريرها وضحكت كثيرا لأنها تأكدت من أن الطفلة الصغيرة لاتزال بداخلها مادامت النملة الصغيرة قد أثارت انتباهها كسابق عهدها!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق