ارتدت عباءتها ووشاحها وخرجت من منزلها الفاخر متوجهة إلى موقف السيارات المؤقت على قارعة الطريق , في وقت كادت فيه الطرقات تخلو إلا من بعض المتشردين والشحادين ممن اعتادو الالتفاف حول " قصعة كسكس " يجود بها سكان إحدى الفيلات المجاورة كل يوم جمعة...
- السلام عليكم عمي مبارك ,
- عليكم السلام بنتي . كالعادة؟
- نعم نعم من فضلك...
-على بركة الله
بعد الحوار القصير جدا , انطلقت سيارة " خديجة " , و التي يشرف العم مبارك على سياقتها منذ مايزيد عن عشرين سنة ,
وكانت تنهيدات العجوزبعد الفينة والأخرى وتمتماته المبهمة تقطع على خديجة حبل أفكارها وتكسر الصمت القاتل داخل السيارة الفارهة .
- بنتي , وصلنا....
- خديجة ؟ خديجة ؟
- نعم؟ تساءلت بعينين ناعستين وصوت مبحوح
- لقد وصلنا بنيتي , سأنتظرك هنا
ترجلت من السيارة وتوجهت إلى محل راقي , أول ما يثير اهتمام الناظر إليه لوحة جميلة على واجهته الأمامية كتب عليها بخط عربي أنيق " طوق الياسمين " ,
- أهلا بك سيدة خديجة , تريدين النوع المعتاد أم قررت انتقاء شئ مختلف اليوم ؟ بالمناسبة , وصلتنا أنواع وألوان غاية في الجمال و..
- لا لا , كالعادة مريم من فضلك, قاطعتها "خديجة" مستعجلة
- طيب تفضلي بالجلوس , سأجهزها حالا
انشغلت خديجة بتفقد هاتفها غير مبالية بكل الجمال من حولها , وبعد عشر دقائق بالضبط عادت الموظفة وهي تحمل باقة فخمة من الأوركيد بلون زهري فاتح تتخله ياسمينات مهداة من المحل ,وضعتها فوق المكتب بهدوء وأخرجت من الدرج علبة فضية , فتحتها ثم قدمتها للسيدة خديجة :
- تفضلي سيدتي , اختاري الكارت المناسب...
أمسكت خديجة العلبة وهي ترتعش واختارت بعد دقائق معدودات بطاقة رمادية بنقوش سوداء , تشبه إحساسها في تلك اللحظة ,
- تفضلي , اخترت هاته
- هل أطبع لك عليها إهداء خاصا أم تريدين كتابته بنفسك كالعادة؟
- سأكتبه بيدي شكرا لك ,
انهمكت خديجة في كتابة الإهداء بعد أن دفعت ثمن الباقة , وبعد انتهائها كلفت مريم مساعدا لها بإيصال الزهور إلى السيارة وتوادعتا في انتظار لقاء آخر يوم الجمعة المقبل,
< يتبع إن شاء الله >
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق