21 سبتمبر 2013

عصيدة بنكهة الشوكولاتة والكريما



يصعب على المرء إحتمال فقدان السيطرة على أمور لطالما أحسن تدبيرها  ( إلى حد ما ) , ويصعب الاحتمال أكثر , عندما يحدث فقدان السيطرة  في وقت حرج تكون فيه كل الأعين مصوبة نحوه , لكن الأصعب من الأمرين معا برأيي, هوالقدرة على جعل الأمر غير المسقر في نصابه والخارج عن السيطرة أمرا جديدا , مضحكا , وجيدا نسبيا ...

الرأي أعلاه , بدأت في تبنيه منذ فترة حين وُجدت في موقف مماثل , هو موقف بسيط جدا وغير ذا أهمية لكن الجميل فيه هو أن نهايته كانت سعيدة برأيي وبرأي من كان حاضرا إذذاك في الموقف...
يومها قررت تنظيم حفلة بسيطة  في بيتنا على شرف أبناء أختي الصغار بمناسبة نجاحهم , وكنت قد وعدتهم قبلا بتحضير كعكة خاصة لهم إن وفقو في سنتهم الدراسية , وهو ماكان فعلا...
فعندما جاؤو لزيارتنا مباشرة بعد حصولهم على نتائجهم الدراسية أخبرتهم بأن وقت الحفلة الموعودة قد حان وبأنني سأفي بالوعد حالا , فبدأت أولا بتحضير الكيك الشهي بالشوكولاتة والكريما اللذيذة وتفننت في تزيينه وقضيت وقتا لابأس به في المطبخ وكان الصغار سعداء جدا ومنتظرين على أحر من الجمر ظهور الكعكة الجميلة , لم يستطيعو إلا أن يسترقو النظر بين كل حين وحين رغم دعواتي المتكررة لهم بالإنتظار والصبر إلى حين انتهائي غير أن  شغبهم الطفولي حال دون ذلك
بعد انتهائي من المرحلة الأولى وضعتها في الثلاجة قليلا وهو ماأثار حفيظتهم لينفذ صبري أيضا فقررت إخراجها قبل تماسك الكريمة وانهمكت في كتابة أسمائهم على الحلوى وتزيينها بالسكاكر الملونة والشوكولاته وهم من حولي يتمازحون ,
 أخيرا جهزت الكعكة  ... ما ان سمعو البشرى حتى تسابقو نحو أماكنهم انتظارا لتقديمي لها , وهو ما أردت فعله غير أن الحظ لم يكن حليفي فعندما حاولت حملها انقلبت بين يداي رأسا على عقب , تسمرت في مكاني ولم أعرف ماالعمل فالأولاد في الصالة ينتظرون كيكا صارعصيدة , وقفت مذهولة أمام المشهد فجاءت ابنة اختي لتستفسر عن تأخر وصول ملكة الحفلة الصغيرة ,وجدت المفاجأة , كومة من شئ يشبه الكيك , متجانس مع شئ كأنه الكريمة ومزين بألوان عديدة متناثرة هنا وهناك بلا شكل محدد ,الكل داخل طبق جميل ملطخ بصوص الشكلاطة لكنه لايوحي بحفلة نجاح ولا بأي مظهر من مظاهر الفرح...
تناثرت من عيناها الصغيرتان تساؤلات عديدة وحزن صغير ولوم كبير لم تستطع اخفاء اي من ذلك فانهالت علي بوابل من التعابير غير المرتبة تروم من خلالها لومي حيث حملتني مسؤولية ماوقع وأن انهيارالكيك راجع لتأخري ومبالغتي  في تزيينه, متناسية أنها كانت معجبة كثيرا بشكله  قبل أن يتحول إلى ماأصبح عليه بعد ذلك :
اوة صافي هادشي لي بغيتي
كن غير حطيتيها لينا بلا زواق
تهنيتي دابا
لوحيها
مبقات حفلة
الخ الخ......
رمقتها بنظرة غضب جعلَتها تكف عن التعليقات ثم أسرعت إلى الغرفة لتنقل الخبر الطارئ للمنتظرين هناك وعادت إلي رفقة أخيها المتفاجئ بدوره فألقيا نظرة ثم عادا أدراجهما , غسلت يداي من الشوكولاتة العالقة بهما وحملت الطبق وأنا أنظر اليه وأتحسر على الوقت الذي ضيعته هباء , وعم المطبخ حزن وبقايا متناثرة هنا وهناك ..
بعد حسرة وتفكير وبعد ارتياح في أذناي أعقب احمرارا وحرارة ,نقلت العصيدة/الكيك إلى طبق آخر نضيف وشكلته على شكل (مقلوبة) ثم جعلت السكاكر الملونة على وجهها , كل ذلك والأطفال يائسين صامتين  أمام التلفاز  , 
توجهت إلى الصالة حيث جلس الصغار رفقة أهلي وأخواتي , وبيدي طبق العصيدة على شكل مقلوبة وبنكهة الشوكولاتة , وماأن دخلت حتى اهتزت الصالة على وقع ضحك  الكباروصراخ الصغار الذين حامو حول الطبق السحري وهم يقهقهون ويرقصون , على أنغام هستيرية  ضحك متوالي شكل سمفونية أجمل من أشهر السمفونيات العالمية, واحتفاءً بشبيه الكيك الذي كان ألذ من أشهر الكعكات الفاخرة خاصة بعد أن أكلناه بأيدينا كالكسكس دون وجود لأي نوع آخر من الحلويات أو المشروبات ساخنة كانت أو باردة  فكعكتنا أغنتنا عن باقي المرفقات,
وكانت تلك أجمل حفلة على الإطلاق برأي أولاد أختي الذين لازالو يذكرونها ويتذكرونها والغبطة تتراقص من أعينهم أما أخواتي وأمي فكان تعليقهن الوحيد غير الضحك :
هل كنا سنضحك بهذا القدر لو أن الكعكعة نجحت ولم تفقدي السيطرة عليها؟
شئ وحيد لازلت أتحسر عليه وهو عدم توثيقي للحادثة بصور للهالكة قبل وبعد ... المفاجأة أنستني كل شئ آخر, لكنها كانت سعيدة في النهاية وهذا هو المهم.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق